سورة القصص - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القصص)


        


{طسم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2)}
بسم الله الرحمن الرحيم {طسم تِلْكَ ءايات الكتاب المبين} قد مر ما يتعلق به من الكلام في أشباهه.


{نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (3)}
{نَقُصُّ عَلَيْكَ} أي نقرأ بواسطة جبرائيل عليه السلام فالإسناد مجازي كما في بني الأمير المدينة. والتلاوة في كلامهم على ما قال الراغب تختص باتباع كتب الله تعالى المنزلة تارة بالقراءة وتارة بالارتسام لما فيه من أمر ونهي وترغيب وترهيب أو ما يتوهم فيه ذلك وهو أخص من القراءة، ويجوز أن تكون التلاوة هنا مجازًا مرسلًا عن التنزيل بعلاقة أن التنزيل لازم لها أو سببها في الجملة وأن تكون استعارة له لما بينهما من المشابهة فإن كلًا منهما طريق للتبليغ فالمعنى ننزل عليك {مِن نَّبَإِ موسى وَفِرْعَوْنَ} أي من خبرهما العجيب الشأن، والجار والمجرور متعلق حذوف وقع صفة لمفعول نتلو المحذوف أي نتلو شيثًا كائنًا من نبئهما.
والظاهر أن {مِنْ} تبعيضية، وجوز بعضهم كونها بيانية وكونها صلة على رأس الأخفش فنبأ مجرور، لفظًا مرفوع محلًا مفعول نتلو ويوهم كلام بعضهم أن {مِنْ} هو المفعول كأنه قيل: نتلو بعض نبأ وفيه بحث، وأيًا ما كان فلا تجوز في كون النبأ متلوًا لما أنه نوع من اللفظ، وقوله تعالى: {بالحق} متعلق حذوف وقع حالًا من فاعل نتلو أي نتلو ملتبسين {بالحق} أو مفعوله أي نتلو شيئًا من نبئهما ملتبسًا بالحق أو وقع صفة ملصدر نتلو أي نتلو تلاوة ملتبسة بالحق؛ وقوله تعالى: {لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} متعلق بنتلو واللام للتعليل وتخصيص المؤمنين بالذكر مع عموم الدعوة والبيان لأنهم المنتفعون به، وقد تقدم الكلام في شمول {يُؤْمِنُونَ} للمؤمنين حالًا واستقبالًا في السورة السابقة، وقوله تعالى:


{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)}
{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى الارض} استئناف جار مجرى التفسير للمجمل الموعود وتصديره بحرف التأكيد للاعتناء بتحقيق مضمون ما بعده أي {إِنَّ فِرْعَوْنَ} تجبر وطغى في أرض مصر وجاوز الحدود المعهودة في الظلم والعدوان {وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} أي فرقًا يشيعونه في كل ما يريده من الشر والفساد أو يشيع بعضهم بعضًا في طاعته أو أصنافًا في استخدامه يستعمل كل صنف في عمل من بناء وحرث وحفر وغير ذلك من الأعمال الشاقة ومن لم يعمل ضرب عليه الجزية فيخدمه بأدائها أو فرقًا مختلفة قد أغرى بينهم العداوة والبغضاء لئلا تتفق كلمتهم {يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مّنْهُمْ} أي يجعلهم ضعفاء مقهورين؛ والمراد بهذه الطائفة بنو إسرائيل وعدهم من أهلها للتغليب أو لأنهم كانوا فيها زمانًا طويلًا، والجملة أما استئناف نحوي أو بياني في جواب ماذا صنع بعد ذلك، وإما حال من فاعل جعل أو من مفعول. وأما صفة لشيعا والتعبير بالمضارع لحكاية الحال الماضية، وقوله تعالى: {يُذَبّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْىِ نِسَاءهُمْ} بدل من الجملة قبلها بدل اشتمال أو تفسير حال من فاعل يستضعف أو صفة لطائفة أو حال منها لتخصصها بالوصف وكان ذلك منه لما أن كاهنًا قال له يولد في بني إسرائيل مولود يذهب ملكك على يده.
وقال السدي: إنه رأى في منامه أن نارًا أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر فأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل فسأل علماء قومه فقالوا: يخرج من هذا البلد رجل يكون هلاك مصر على يده فأخذ يفعل ما يفعل ولا يخفى أنه من الحمق كان إذ لو صدق الكاهن أو الرؤيا فما فائدة القتل وإلا فما وجهه، وفي الآية دليل على أن قتل الأولاد لحفظ الملك شريعة فرعونية.
وقرأ أبو حيوة وابن محيصن {يُذَبّحُ} بفتح الياء وسكون الذال {إِنَّهُ كَانَ مِنَ المفسدين} أي الراسخين في الإفساد ولذلك اجترأ على مثل تلك العظيمة من قتل من لا جنحة له من ذراري الأنبياء عليهم السلام لتخيل فاسد.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8